تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » هل لا زال للكتب الورقية أهمية في هذا العصر؟ ماذا سيحصل للكاتب إن فقد كلَّ ما كتبه فجأةً؟

هل لا زال للكتب الورقية أهمية في هذا العصر؟ ماذا سيحصل للكاتب إن فقد كلَّ ما كتبه فجأةً؟

صورة تعبر عن كاتب وكتب وهيكل كرة ارضية
المصدر كانفا

دعى الكاتب محمد القبيسي إلى ضرورة الاعتناء بالكتب الورقية، وطباعة نسخ منها من كل الفنون، وأرى أنه وفّق في طرحه، وهذا تعقيبٌ يسيرٌ على ما قال.

من الأسباب التي ذكرها مستدلاً على أهمية الاعتناء بالكتب الورقية سببٌ مثيرٌ للإهتمام وهو أن التكنولوجيا أو الكهرباء قد يختفيان في يومٍ من الأيام!

 

هل يمكن أن تندثر التكنولوجيا أو تنتهي الكهرباء في يومٍ ما؟

أقول: أنهما لم يكونا موجودان أصلاً في الأزمنة الغابرة وما جاء من العدم ليس مستحيلاً أن يعود إليه.

وقد حصل في ما مضى أن تختفي ثقافات بُنيت في عشرات السنين، أو علمٌ أفنى العلماء في تأليفه مدةً طويلة، أو كتبٌ استغرقوا في تأليفها سنين عديدة، أصبحت عدماً في ليلةٍ وضحاها.

منها: ما حدث في الأندلس بعد سقوطها، أحرق المسيحيون في ساحة باب الرملة مليون كتاب، وقيل: مليون و٥٠٠ ألف كتاب، فتحوّلت إلى رمادٍ حضاراتٌ وثقافاتٌ وعلومٌ في مدة وجيزة.

 

إذا؛ نستنتج من ذلك أنه يمكن أن يحصل شيءٌ خارج عن المعتاد يؤدي إلى محو كل شيء، وليس هذا الافتراض مستحيلاً خارجاً عن المعقول.

ومن هنا أتت أهمية الكتب الورقية، أن نترك تراثنا وثقافتنا وعلومنا داخل عالمٍ رقمي دون الأخذ بالاعتبار احتمال اختفائها فجأةً فهذا أمر خَطِر، وليس معنى ذلك أن نكون ضد التكنولوجيا، بل أن نأخذ الحيطة والحذر، ونجعل لتراثنا نسخاً محسوسةً وملموسةً، تُحفظ بمنأى عن العالم الافتراضي. 

صورة تعبر عن كاتب وكتب وهيكل كرة أرضية
المصدر كانفا

 

ما الذي سيحصل للكاتب إن فقد كلَّ أو معظم ما كتبه فجأةً؟

لو كان الكاتب كاتباً رقمياً فقط، واستيقظ ذات يوم، ووجد حسابه على المنصة التي يكتب عليها قد اختفى أو أُقفل، سواءً أكانت على وسائل التواصل الاجتماعي، أو المدونات، وغيرها، وكان هذا الكاتب قد أفنى عمراً مديداً في الكتابة، وكتب مقالاتٍ أو منشوراتٍ لو طُبعت لأصبحت مجلدات، ومن هؤلاء المكثرين الكاتب أحمد العسّاف كتب أكثر من ألف مقال، أو الكاتب يونس بن عمارة كتب أكثر من ١٨٠٠ مقال، ثم فجأةً اختفت جميعها، ماذا سيحدث لهذا الكاتب برأيك؟ 

أتراه سيكون بكامل عقله بعد أن فقد ما كرّس عمره في سبيله؟

وكم ستفقد الأمة من علمٍ ومعرفة إن حدث هذا لكاتبٍ مؤثرٍ أحدث نقلةً في المعرفة وأضاف شيئاً للتراث؟

 بالتأكيد ستفقد الشيء الكثير. 

 

وحصل هذا أيضاً في قديم الزمان لبعض كتّاب علم الحديث، احترقت كتبهم فاختلطوا، فلم يقبل منهم ما كتبوه بعد اختلاطهم.

وقبل أن أذكر لك بعض الأمثلة في ذلك سأعرّف لك معنى الاختلاط، حتى تتضح الصورة. 

“الاختلاط في اللغة: فساد العقل

وفي الاصطلاح: فساد العقل، أو عدم انتظام الأقوال بسبب خَرَفٍ، أو عمىً، أو احتراق كتبٍ”. 

تيسير مصطلح الحديث لمحمود الطحان ٢٧٨

والشاهد هنا هو “احتراق الكتب”، فيما يلي علماء قضوا أعمارهم في الحفظ والتأليف والرواية، ولسببٍ من الأسباب احترقت كتبهم فاختلطوا، فلم يُقبل منهم شيءٌ بعد اختلاطهم.

 

فمنهم: المحدث عبدالله بن عقبة بن فرعان الحضرمي الأعدولي.

احترقت كتبه فاختلط وأصبح يروي المناكير، فرُدّ قوله بعد اختلاطه.

ومنهم: عمر بن أبي الحسن علي بن أحمد الوادي الشهير بابن الملقن.

إمام عالم كثير الفوائد والمؤلفات اختلط قبل موته بسبب احتراق كتبه، فرُدّ كلُّ ما قاله بعد اختلاطه.

 

أظنك عرفت الآن ما يمكن أن يحدث للكاتب بعد فقدانه لما كتبه، فمن الضرورة بمكان أن يحفظ الكاتب أهمّ ما يكتبه، وآخر ما توصّلت إليه أفكاره في كتبٍ ورقية، ولا يكتفِ بتركها داخل عالمٍ رقمي، وحتى لا يعود إلى نقطة الصفر في يومٍ ما.

وختاماً أرجو أنّي أضفت إلى رصيدك المعرفي ولو شيىئاً يسيراً، دمت سالماً.

1 أفكار بشأن “هل لا زال للكتب الورقية أهمية في هذا العصر؟ ماذا سيحصل للكاتب إن فقد كلَّ ما كتبه فجأةً؟”

  1. تنبيه Pingback: كيف يكتب الروائي أيمن العتوم؟ وما هو منهجه؟ – مدونة موسى بن عبد الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الوسوم: